المشهد الديني في بلجيكا: بين فساد المؤسسات وتدخلات أجنبية وخيانة القيم
بقلم : ابو زكريا

Édité par notre Bénévole Lhoucine BENLAIL Directeur Officiel Diplomaticnews.net
في صيف عام 2023، قرر وزير العدل البلجيكي السابق “فان كوينبيرغ” حل الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا، وذلك بسبب الفشل في التسيير والتبذير الفاضح للأموال العامة، بالإضافة إلى تدخلات أجنبية في الشأن الديني. هذه الخطوة جاءت بعد سلسلة من الفضائح التي أثرت بشكل كبير على سمعة الهيئة وأضعفت الثقة في قدرة المسؤولين على تمثيل الجالية المسلمة في بلجيكا.
بعد قرار الحل، تم تشكيل فريق من منطقة فلاندر للعمل على إعداد هيأة جديدة تتولى مهمة تمثيل المسلمين في بلجيكا تحت اسم “مجلس مسلمي بلجيكا” (CMB). تم الاتفاق على أن يمثل هذا المجلس جميع مناطق بلجيكا، بما في ذلك فلاندر، بروكسل، ووالونيا، على أن يتكون من 15 عضوًا عن كل منطقة، أي 45 عضوًا بشكل إجمالي.
.
ومع ذلك، تثار تساؤلات حول قدرة المجلس الجديد على تمثيل الجالية المسلمة بشكل حقيقي وفعّال، في ظل الغلبة المحتملة لأعضاء من أصل مغربي، مما قد يساهم في تهميش المجتمعات المسلمة الأخرى مثل الأتراك والألبان والباكستانيين وغيرهم جنسيات
من جهة أخرى، يبدو أن هناك عدة مشاكل هيكلية وسلوكية تؤثر في مصداقية المجلس. ففي هذا السياق، تم انتقاد نائب الرئيس السابق “ص.ش” بسبب عدم كفاءته في إدارة الهيئة، بالإضافة إلى قيادته لجمعية لا وجود لها فعليًا على الأرض. لكن المشكلة الأكبر تكمن في التمويل الخارجي، حيث تتلقى هذه الجمعية مبالغ ضخمة من المغرب، تصل إلى نصف مليون يورو سنويًا، دون أي شفافية أو رقابة على كيفية استخدام هذه الأموال.
التدخلات الأجنبية والتلاعبات المالية:
أصبح الوضع أكثر تعقيدًا في ضوء المعلومات التي تسربت من مصادر خاصة تشير إلى تورط بعض الشخصيات في بلجيكا في عمليات تبييض أموال بين بلجيكا والمملكة العربية السعودية وهولندا. تتعلق هذه الأنشطة بمجموعة من الأشخاص في مدينة أنفرس الذين يُزعم أنهم يعملون كواجهات للمصالح السعودية، حيث يتعاونون مع وكالات سفر تشغل طرقًا مباشرة بين تونس وبلجيكا والسعودية.هذه الشبكة المتشابكة تشمل أيضًا تمويل بعض الأحزاب السياسية في بلدان أخرى، مما يزيد من تعقيد المشهد ويكشف عن تدخلات تهدف إلى توجيه السياسة الإسلامية في بلجيكا وفقًا لأجندات خارجية قد تضر بمصالح الجالية المسلمة.
:المجلس الجديد والمستقبل
القلق يتزايد بشأن المجلس الجديد وما إذا كان سيمثل تمثيلًا حقيقيًا لجميع المسلمين في بلجيكا، أم سيكون مجرد هيئة أخرى تُهيمن عليها قوى معينة. في الوقت نفسه، يقوم بعض الأئمة في فلاندر بتشكيل “مجلس للعلماء” مكون من شخصيات غير معروفة في الساحة، حيث تم تعيين أحدهم مفتيا للديار البلجيكية. هذا الأمر يزيد من المخاوف حول استقلالية هذا المجلس ومدى تأثيره على الأجيال القادمة.يبدو أن الأسابيع والأشهر القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت على الساحة الدينية الإسلامية في بلجيكا. ومن المحتمل أن يتابع الرأي العام المزيد من الفضائح التي قد تزعزع استقرار الجالية المسلمة، وتؤثر سلبًا على صورة الإسلام المعتدل في أوروبا.
خاتمة:
إن ما يحدث اليوم في بلجيكا على الصعيد الديني يعكس تحديات كبيرة تواجه الجالية المسلمة، في وقت يزداد فيه الضغط الخارجي والمحلي على المؤسسات التي من المفترض أن تمثل مصالح المسلمين. إن الحاجة إلى إصلاحات حقيقية في طريقة التسيير والتخطيط لمستقبل الجالية في بلجيكا أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى. وللحديث بقية.