20 June 2025

Par Lhoucine BENLAIL

الإرهاب والغرب..بين صناعة الخوف وممارسة الازدواجية

Édité par notre Bénévole Lhoucine BENLAIL Directeur Officiel Diplomaticnews.net

بقلم الحسين بنلعايل – ديبلوماتيكنيوز

منذ أن أُدرج مصطلح “الإرهاب” في الخطاب السياسي العالمي، تحوّل إلى أداة مرنة تُشحذ حسب الحاجة، تُستدعى حينما يُراد تبرير التدخل في شؤون الآخرين، وتُهمش حينما تُرتكب الجرائم تحت سمع الغرب وبصره. إنه “غول” العصر الحديث، يُحرّك بخيوط المصالح لا بمبادئ العدل، ويُوجّه نحو أعداء مُحدّدين بينما يُعفى آخرون من المحاسبة. فالإرهاب، في التطبيق العملي، ليس مفهوماً ثابتاً بقدر ما هو سلاح دعائي يُستخدم بانتقائية فاضحة، تُحدّدها حسابات القوة لا موازين الأخلاق. لننظر إلى الحرب على العراق عام 2003، التي مُورست تحت ذريعة القضاء على أسلحة الدمار الشامل المزعومة. لم تكن تلك الذريعة سوى كذبة كبرى، اخترعها ساسة ومخابرات لتمرير غزوٍ دمّر بلداً بأكمله، وقتل مئات الآلاف، وشرد الملايين. ومع ذلك، لم يُحاسب أحدٌ من صناع تلك الكذبة، بل إن بعضهم لا يزال يُقدّم على أنه “خبير” في الشؤون الدولية. أما الضحايا العراقيون، فقد تحوّلوا إلى مجرد أرقام في تقارير منسية، بينما تحوّل بلدهم إلى ساحة مفتوحة للتنافس الإقليمي والدولي. أليس هذا إرهاباً منظمّاً؟ ألا يستحق أولئك الذين خططوا لهذه الكارثة أن يُحاكموا أمام العالم؟ وفي السياق نفسه، يُثار اليوم ذعرٌ كبيرٌ حول “الإرهاب الإسلامي”، بينما تُغض الطرف عن إرهاب الدولة الذي تمارسه قوى كبرى وحلفاؤها. كيف يُمكن لمنظومة إعلامية أن تصف مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال بالإرهاب، بينما تُبرّر قصف المدنيين في غزة بأنه “حق الدفاع عن النفس”؟ كيف يُمكن لقانون دولي أن يصمّ أذنيه عن صرخات اليمنيين تحت القصف السعودي المدعوم غربياً، بينما يتحرّك بسرعة البرق عندما تكون الضحية غربية؟ هذه الازدواجية ليست سوى دليل على أن “الإرهاب” في السياسة العالمية ليس سوى مصطلح يُستخدم لتعزيز الهيمنة، لا لتحقيق العدالة. ولا تقتصر هذه المعايير المزدوجة على الساحة الدولية، بل تمتد إلى داخل المجتمعات الغربية نفسها. ففي الوقت الذي تدّعي فيه دول أوروبا أنها تحمي “القيم الليبرالية”، تُشرّع قوانين تستهدف المسلمين تحديداً. فالحجاب يُمنع في المدارس باسم “العلمانية”، والمساجد تُراقب باسم “مكافحة التطرف”، والأطفال المسلمون يُسألون في المدارس عن “آرائهم في داعش” كما لو كان الإرهاب جزءاً من عقيدتهم. هذه الممارسات لا تُظهر إلا حقيقة واحدة: أن “الإرهاب” هنا ليس سوى ذريعة لتعزيز الإسلاموفوبيا، وتبرير سياسات القمع الداخلي. والأخطر من ذلك كله هو كيف تحوّل “مكافحة الإرهاب” إلى صناعة عالمية تدرّ مليارات الدولارات. فشركات الأسلحة تبيع أدوات القتل للجميع، والدول الكبرى تتاجر بالخوف لتبرير زيادة ميزانياتها العسكرية، ووسائل الإعلام تُذكي نار الكراهية لتحقيق المشاهدات. في هذه الدائرة الخبيثة، لا يوجد رابح سوى أولئك الذين يزرعون الفتنة ويحصُدون الثروات. أما الضحايا، سواء كانوا مدنيين عراقيين، أو فلسطينيين تحت الاحتلال، أو مسلمين يُشتبه بهم في الغرب، فهم مجرد وقود لهذه الآلة القاسية. فمتى ندرك أن “الإرهاب الحقيقي” ليس في دين أو عرق، بل في تلك الأنظمة التي تزرع الموت ثم تبيع نفسها كمنقذة؟ متى نعترف بأن الخطر الأكبر لا يأتي من “الغول” الذي يُخيفوننا به، بل من أولئك الذين يتحكمون بخيوط هذا الغول ويُوجّهونه حيث يشاؤون؟ الحلّ ليس في مزيد من الحروب أو القمع، بل في العدالة التي لا تفرّق بين ضحية وأخرى. في محاكمة كل مجرمي الحرب، بغض النظر عن جنسياتهم. في إعلامٍ لا يُحوّل الصراعات إلى عروض دموية لبيع الإعلانات. في سياسات خارجية تقوم على احترام الشعوب، لا على نهب ثرواتها. فقط حينها سنكسر أسطورة “الغول” الذي يُرعبنا، ونكتشف أن الأكثر رعباً هو النظام العالمي الذي يصنعه.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *