
الظلال القاتلة: حين يخون الحراس أسيادهم في عرينهم
Par notre bénévole Lhoucine BENLAIL directeur général de diplomaticnews.net

أيّة سخرية مريرة يرسمها القدر! في شوارع موسكو الجليدية، حيث تهمس رياح سيبيريا بأسرار إمبراطوريات زائلة، سقط الفريق أول فانيل سارفاروف، قائد إدارة التدريب العملياتي في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، ضحية انفجار غادر. في صباح يوم 22 ديسمبر 2025، مزّقت عبوة ناسفة مخبأة تحت هيكل سيارته هدوء موقف سيارات عادي، محولة المركبة إلى قبر حديدي ملتوٍ. السلطات الروسية، سريعة في فتح تحقيق جنائي، توجه أصابع الاتهام نحو أجهزة الاستخبارات الأوكرانية – اتهام يعوم كشبح في سماء الشكوك الجيوسياسية. وصور شاهدة لا ترحم تكشف آثار العنف: سيارة مشوهة، رمز لضعف يُعتقد أنه مستحيل الاختراق.
لكن كيف، أيها القارئ الحكيم، وصلنا إلى هذا؟ كيف يُزهق روح عماد من أعمدة الجهاز العسكري الروسي، هذا العملاق المصبوب في نار الحرب الباردة، بهذه السهولة في قلب العاصمة؟ أليس هذا صرخة صامتة لفشل ذريع في أجهزة الاستخبارات الروسية؟ تلك الحراس الخفيين، المفترض فيهم نسج شبكة عنكبوتية لا تُخترق حول الأقوياء، هل غرقوا في غفلة قاتلة؟ أم هو دليل على اختراق أعمق، ظل أجنبي يرقص في ممرات الكرملين؟ يرن جرس الإنذار مدوياً: إذا سقط جنرال هكذا، فماذا عن المدنيين، عن المنشآت، عن روح الأمة ذاتها؟ روسيا، تلك القلعة المتبجحة بمناعتها، تكشف شقوقها، والعالم يرتعد خوفاً من تصعيد لا يُضبط. ندينها بصوت عالٍ: هذا الإهمال ليس خطأ فنياً فحسب، بل جريمة ضد الأمن الجماعي، تخلٍ عن الواجبات المقدسة تجاه من يخدمون تحت الرايات المزينة بالنجوم.
ولكن لنتساءل ببلاغة تتجاوز الحدود: أهذا شر معزول، جرح فريد في كبرياء روسيا؟ كلا، يا للأسف! ليست إيران وحدها التي خذلتها أجهزتها الاستخباراتية، حيث أغلق الحراس أعينهم في اللحظة الحاسمة. تذكروا اعترافات الحرس الثوري الإيراني الممزقة في عام 2025، حيث أقر علناً بثغراته أمام إسرائيل.

قادة اغتيلوا، عمليات توقعت بدقة جراحية – كتصفية شخصيات من فيلق القدس أو ضربات على مواقع استراتيجية. حسين علائي، القائد السابق للبحرية في الحرس، صاح بها: أجهزة إيران فشلت في توقع مكائد إسرائيل، تاركة ثغرات واسعة في درعها. وماذا عن اغتيال إسماعيل هنية، ذلك الطعنة في قلب طهران، أو التصفيات المتتالية لقادة الحرس؟ هذه الإخفاقات، المتكررة واللاذعة، تكشف ضعفاً نظامياً، حيث يلتقي الغرور بالإهمال. 12

ومع ذلك، ألم تتعلم إيران الدرس القاسي، وتصحح مسارها ببراعة مذهلة؟ فبعد تلك الهزائم، أعادت طهران ترتيب صفوفها الاستخباراتية والعسكرية، مستفيدة من الدروس المرة، حتى بلغت من القوة ما أجبر نتنياهو على طلب وقف إطلاق النار في حرب الـ12 يوماً في يونيو 2025، تحت وطأة
الضربات الإيرانية التي ألحقت أضراراً جسيمة، ووسط ضغوط دولية لا تُقاوم. أليس هذا تحولاً دراماتيكياً، حيث تحول الضحية إلى مهاجم يفرض شروطه، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التوازنات في الشرق الأوسط؟ 48 33
ولنوسع النظر، فالداء وبائي. إسرائيل نفسها، في أكتوبر 2023، عاشت هاوية فشل استخباراتي مع هجوم حماس – شبح يلاحق تقارير 2025 حتى الآن. الولايات المتحدة، في تقييماتها السنوية للتهديدات، تعترف بنقائص أمام جهات كداعش أو دول منافسة. في كل مكان، من القوى العظمى إلى الأنظمة الاستبدادية، تخون الاستخبارات، تاركة الأبواب مفتوحة للقتلة، للمخربين، لظلال الحرب الهجينة. أليس هذا تساؤلاً بلاغياً عن الإنسانية ذاتها؟ أمحكومون علينا بتكرار هذه المآسي، حيث تتلاشى اليقظة مع الانتصارات الوهمية؟ ندين هذا النفاق العالمي: الأمم التي تتباهى بسيادتها الاستخباراتية تسقط، واحدة تلو الأخرى، ضحية لقصر نظرها الذاتي.
في هذا العصر من التوترات المشتعلة، حيث تهمس القنابل أعلى صوتاً من الدبلوماسيين، ليس اغتيال سارفاروف مجرد خبر عابر في موسكو. إنه ناقوس يرن للجميع: روسيا، إيران، وما وراءهما. نتساءل، ننذر، ونطالب بالمحاسبة. فإذا مات حراس الأسرار في الظلام، فمن سيحمي نور العالم؟