
العار الذي يصرخ في وجه العدالة.. عندما تصبح “الواسطة” و “التهديد” قانونًا في وطن الضائعين!
الحسين بنلعايل – ديبلوماتيك نيوز
هذه ليست مجرد قصة.. هذه صفعة على وجه كل من لا يزال يؤمن بعدالة النظام.. هذه هي الحقيقة المرة التي تنزف في صمت بين أروقة المحاكم وتحت أنقاض الضمائر الميتة.. قصة السيد جمال بطاش ليست حالة فردية، بل هي نموذج بشع للفساد الذي أصبح سمة مميزة لمنظومة تطحن المواطن وتحمي اللصوص!

ثمانية عشر عامًا كاملة.. يصرخ فيها رجل من على فراش المرض في ألمانيا، بينما شقيقه – اللص – يتباهى بسرقته ويتهدد بـ”يده الطويلة” وصداقته مع “عبد النبوي” وعلاقاته مع “رجال الأمن الوطني”! أي قدر من القذارة وصلنا إليه عندما يصبح التهديد بالسلطة وسيلة لسلب الحقوق؟ أي عدالة هذه التي تسمح لمجرم أن يتباهى بنفوذه بينما صاحب الحق يموت غربةً ومرضًا؟الوثائق موجودة..

الإشهاد مصادق عليه.. الأدلة مادية لا تقبل الجدل.. ولكن ماذا تفعل العدالة؟ تصمت! لأن اللص يهدد بأنه “صديق عبد النبوي” ولديه “رجال في الأمن الوطني”! هذه هي الحقيقة التي لا نجرؤ على قولها بصوت عال: أن النفوذ والواسطة أصبحا أقوى من القانون، وأن من يملك العلاقات يمكنه أن يسرق ويتهدد ويفلت من العقاب!السيد جمال بطاش لم يعد يطلب حقه فقط..

إنه يطلب كرامته الإنسانية التي داستها أقدام الفاسدين.. يطلب اعترافًا بأنه إنسان له قيمة في وطنه، وليس مجرد رقم يمكن محوه بتهديدات الأقوياء! أي وحشية هذه التي تجعل مريضًا بالقصور الكلوي يقاتل من على فراش الألم لمجرد أن يأخذ حقه الذي أنفقه على الأرض والبنايات والسيارات؟ولكن الأكثر إهانة للعقل أن هذا اللص – نور الدين بطاش – لا يكتفي بالسرقة، بل يرسل رجال الأمن لـ”ردع” صاحب الحق! أي سخرية مريعة هذه؟ أي نظام أمني هذا الذي يصبح أداة في يد اللصوص بدل أن يكون حاميًا للمظلومين؟إنها صفعة مدوية لكل من يتحدث عن “سيادة القانون” و”استقلال القضاء”.. فها هو الدليل الحي على أن النفوذ والمال هما القانون الحقيقي، وأن العدالة مجرد كلمة تزين الأوراق بينما الواقع ينضح بالفساد والانحدار!إلى متى سنظل نسمع عن “الأيادي الطويلة” و”الصداقات مع المسؤولين” كأدوات للابتزاز وسلب الحقوق؟ إلى متى سيظل المواطن البسيط فريسة لمن يملك النفوذ والعلاقات؟ هذه ليست قصة جمال بطاش وحده.. هذه قصتنا جميعًا في وطن أصبحت فيه القيمة الحقيقية للإنسان تقاس بعلاقاته ونفوذه، لا بحقه وكرامته!إنها صرخة في وجه الظلام.. صرخة يائسة من رجل يموت غربةً وظلمًا.. فهل من مجيب؟ أم أن العدالة ستظل صماءَ بكماءَ طالما كان الجاني من أصحاب “الأيادي الطويلة” والصداقات “القاتلة”؟ العار كل العار على نظام يسمح بهذا، والعار كل العار على ضمائر ماتت ولم تعد تبالي بصرخات المظلومين!