28 October 2025

بقلم سي محمد الغازي محلل سياسي واجتماعي

المشاركة أم المقاطعة؟معادلة الانتخابات المغربية

و أنا قريب من إكمال عقدي السادس من عمري ، لم يسبق لي طوال حوالي أربعة عقود ، منذ بلغت سن الرشد ، أن شاركت في أي من الانتخابات لقناعتي المبكرة بعدم جدواها مع احترامي للرأي المختلف بشرط إرادة الإصلاح.
فالتجربة السياسية في المغرب تعيش منذ عقود على إيقاع توازن دقيق بين مؤسسات منتخبة ومؤسسة ملكية تهيمن على القرار الاستراتيجي للدولة.
فبينما تُفرز صناديق الاقتراع حكومة وبرلمانا ومجالس جهوية ومحلية، تبقى السياسات الكبرى والبرامج الوطنية والمشاريع الاستراتيجية من اختصاص المؤسسة الملكية، التي تعين كذلك الولاة والعمال والسفراء والمديرين الكبار، وتشرف عبر وزارة الداخلية على تنظيم العملية الانتخابية نفسها.
في هذا السياق، يتجدد السؤال عند كل استحقاق: هل المشاركة في الانتخابات فعل مسؤول أم مجرد تزكية لوضع غير ديمقراطي؟ وهل المقاطعة موقف احتجاجي مشروع أم انسحاب يترك الساحة فارغة للموالين و الفاسدين؟
هي جدلية إذن يصعب الحسم فيها لصالح موقف معين.
فإذا كان المشاركون الصادقون يرون المشاركة السياسية، رغم محدودية صلاحيات المنتخبين، تتيح للمواطنين استثمار الهامش الديمقراطي المتاح للدفاع عن مصالحهم اليومية، خاصة في القضايا المحلية ، و تمنع احتكار المشهد من طرف القوى الإدارية القريبة من السلطة، وتحافظ على حد أدنى من التعددية السياسية، بما يسمح بتراكم الوعي الديمقراطي تدريجيا..
فإن المقاطعين الواعين يعتبرونها إضفاء للشرعية على واقع غير ديمقراطي، إذ تُستخدم الانتخابات لتجميل صورة النظام داخليًا وخارجيًا، بينما القرار الحقيقي يبقى في يد المؤسسة الملكية. كما أن ضعف مردودية العمل الانتخابي وإشراف وزارة الداخلية على المسار يزرع الشك و الإحباط في صفوف الناخبين.
و بالتالي فهي رسالة احتجاج قوية ضد شكلية الانتخابات، وتعبير عن رفض المشاركة في لعبة محسومة النتائج ، كما تسهم في فضح الخلل البنيوي في النظام السياسي، وتؤكد أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتحقق دون ديمقراطية فعلية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *