31 May 2025

زيارة ترامب للخليج..مشهد مهين من مشاهد التبعية العربية المطلقة

Édité par notre Bénévole Lhoucine BENLAIL Directeur Officiel Diplomaticnews.net

الحسين بنلعايل – ديبلوماتيك نيوز

الطائرة التي أقلعت من واشنطن إلى الخليج لم تكن تحمل رئيساً، بل كانت تحمل رسالة استعلاء واضحة: “لقد عدنا لنأخذ المزيد”. لم تكن زيارة ترامب الثانية سوى جولة تفتيش في مزرعته الخاصة، حيث يجد كل ما يريده جاهزاً: حكاماً ينحنون كالعبيد، وشيكات مفتوحة بلا حدود، ومواقف سياسية مرسومة مسبقاً بما يتوافق مع الأجندة الأمريكية. المشهد المهين في الرياض والدوحة وأبوظبي لم يكن مفاجئاً، بل كان تأكيداً لواقع نعيشه منذ عقود: الخليج العربي لم يعد عربياً إلا بالاسم، فقد تحول إلى محمية أمريكية مفتوحة، تُدار من البيت الأبيض وتُنهب دون حياء.

ثلاثة ترليونات وستمائة مليار دولار خلال أيام قليلة! هذا ليس رقماً عابراً، بل هو دليل مادي على حجم النهب المنظم الذي تتعرض له ثروات الأمة. لنكن واضحين: هذه الأموال ليست ثمناً لصفقات تجارية أو استثمارات متبادلة، بل هي ضريبة يدفعها الحكام لشراء حمايتهم الشخصية. أمريكا لا تبيع لهم الأمن، بل تبيعهم الوهم، بينما تترك شعوبهم تعاني من الفقر والبطالة والتخلف. لو كانت هذه الأموال قد استثمرت في التعليم أو الصحة أو البنية التحتية، لكانت دول الخليج اليوم في مصاف الدول المتقدمة، لكنها ذهبت لتمويل صناعة الموت الأمريكية، لشراء طائرات تقصف اليمن، ودبابات تدعم الانقلابيين في المنطقة، وأسلحة تُستخدم ضد الفلسطينيين.

الأمر لا يتعلق بالمال فقط، بل بالكرامة المفقودة. كيف يقبل حكام الخليج أن يكونوا مجرد وكلاء لأمريكا و”إسرائيل”؟ كيف ينامون ليلاً وهم يعلمون أن أموالهم تُستخدم لتمويل جرائم الحرب في غزة؟ الوثائق التي تكشف تمويل قطر لحملة نتنياهو الانتخابية ليست سوى مثال صغير على حجم الخيانة. العلاقات بين الخليج و”إسرائيل” لم تعد سراً، بل أصبحت علنية، مدعومة بصفقات اقتصادية وعسكرية، بينما الشارع العربي يُغذى بخطاب زائف عن “دعم القضية الفلسطينية”.

والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا يدفع الخليج كل هذه الأموال؟ الجواب بسيط ومؤلم: لأن حكامه يعرفون أن شرعيتهم هشة، ويعلمون أن بقاءهم على كراسيهم مرهون برضا واشنطن. هم لا يخشون إيران أو الإرهاب كما يُدَّعى، بل يخشون شعوبهم. التاريخ يعلمنا أن أمريكا تتخلى عن حلفائها عندما تنتفض الشعوب، كما حدث مع شاه إيران وحسني مبارك. لكن حكام الخليج، بدلاً من أن يتعلموا الدرس، يصرون على تكرار نفس الخطأ: يدفعون المزيد من المال، ويشترون المزيد من الأسلحة، ويقمعون المزيد من الحريات، ظناً منهم أنهم بذلك يؤجلون سقوطهم.

لكن الحقائق على الأرض تتحدث بلغة أخرى. الشعوب لم تعد غافلة، والوعي ينتشر رغم كل محاولات القمع. الأجيال الجديدة ترى كيف تُنهب ثرواتها، وكيف تُباع قراراتها السياسية في سوق النخاسة الأمريكي. السؤال الآن ليس “هل سينتفضون؟”، بل “متى؟”. لأن الاستمرار في هذا المسار لن يؤدي إلا إلى انفجار كبير، لن تبقي فيه المليارات ولا القواعد العسكرية ولا الخطابات المزيفة شيئاً.

الخليج اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يستيقظ من سباته، ويعيد حساباته، ويواجه الحقيقة المرة بأنه ليس أكثر من دمية في يد الغرب، وإما أن ينتظر حتى تأتي اللحظة التي لن تنفع فيها كل أموال الدنيا. أمريكا لن تحمي أحداً عندما تحين ساعة الحقيقة، والشعوب لن تسامح من خانها. التاريخ لا يرحم، والدماء المسفوكة في غزة واليمن وسوريا ستظل شاهداً على عار هذا العصر. فهل من مستمع؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *