
حُدُودُ السُّلْطَانِ فِي ضَوْءِ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ: وَصَايَا الخُلَفَاءِ وَالعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ
Édité par notre Bénévole Lhoucine
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ** الحمد لله الذي أنزل الفرقان نوراً وهدىً، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المُبِينِ المعجِزَة، وعلى آله الطّاهرينَ المطهَّرينَ، أصحابِ الحِكمةِ والعِصمة. أما بعد: فاعلموا ـ رَحِمَكُمُ الله ـ أنَّ السُّلطانَ في الإسْلَامِ حُدودٌ مِنَ الحقِّ تَعَالَى، لَيْسَتْ مَلْعَباً لأهواءِ الرِّجال. يقولُ ربُّ العزَّةِ في مُحْكَمِ كِتابِهِ: **﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾** [الأحزاب: ٣٦]. وقد رَسَمَ خليفة المسلمين عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ـ رَ اللهُ عَنْهُ ـ حَدَّ السُّلْطَانِ بقولِهِ الخَالِدِ: **«لَوْ وَجَدْتُ فِي أَرضِكُمْ هَذَا خِيطاً باطِلاً لَرَدَدْتُهُ»**. فانظُرُوا ـ عبادَ الله ـ كيفَ جَعَلَ الخَلِيفَةُ نَفْسَهُ حِسَابَهُ لِلشَّعْبِ، لا سَيِّداً مُطَاعاً! واسْمَعُوا إلى أبي بَكْرٍ ـ رَ اللهُ عَنْهُ ـ يَخْطُبُ فِي أوَّلِ خِلافَتِه**«أَيُّها النَّاسُ! إني وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ،وعلي بيكم، فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي، وَإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُونِي»**. هَذَا هُوَ المِيزَانُ: وِلايَةٌ مَشْروطَةٌ بِالقُرآنِ والسُّنَّةِ، لا اسْتِبْدادٌ بِاسْمِ الدِّينِ! وتذكَّروا قولَ سَيِّدِنا عليٍّ ـ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ ـ: **«لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ»**. فكلُّ سُلْطانٍ يَتَعَدَّى حُدودَ اللهِ، أو يُحَرِّفُ شَرْعَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، فَحَقٌّ على الأُمَّةِ أَنْ تَرُدَّهُ إلى الصِّرَاطِ، كما قالَ الحُسَينُ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ: **«مِثْلِي لَا يُبَايِعُ مِثْلَه(يَزِيدَ) »**. فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ الله ـ في وُلاةِ الأُمُورِ، واجْعَلُوا كِتابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ الحَكِيمَةِ مِحْوَراً لِنَقْدِهِم، واسْألُوا ربَّكُمْ أن يَرْزُقَهُمُ الهُدَى وَالعَدْلَ. وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى.